لم يكن مصطلح عصبية الاطفال رائجًا حتى وقت قريب، فدائمًا ما ارتبطت العصبية بالكبار وبالضغوط التي يواجهونها في حياتهم، وعلى الجانب الآخر فإن الطفولة هي مرحلة المرح والعيش بلا هموم أو مؤرقات، الأمر الذي قد يثير دهشة البالغين عندما يجدون طفلًا يعاني من نوبات غضب أو ينفعل بشكل كبير، وفي حال مواجهتكم موقف كهذا مع أطفالكم، فسوف نخبركم من خلال مقالنا اليوم عن أسباب عصبية الاطفال والطرق الصحيحة للتعامل معها.
أسباب عصبية الاطفال المفرطة
يُصاب معظم الأطفال بنوبات من الغضب من حين لآخر، ولكن إذا حدثت كثيرًا، فقد تكون علامة على وجود مشكلة، وخاصةً عند الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن ثمانِ سنوات.
عادةً ما تكون عصبية الاطفال علامة على إحباطهم أو ضيقهم، ولا يجب التعامل مع الأمر بسطحية خاصةً إذا كانت متكررة وتتفاقم مع الوقت، وعلى الآباء احتواء الطفل وقت نوبات الغضب ومحاولة معرفة الأسباب الكامنة ورائها، والتي قد تشمل:
- بعض الاضطرابات العقلية: قد تكون العصبية والغضب عرضًا لعديد من الاضطرابات العقلية، ومنها اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، والوسواس القهري، ومتلازمة توريت، والتوحد.
- العوامل الوراثية: في بعض الحالات، قد تكون مشكلات الغضب والانفعال وراثية في العائلة.
- الصدمات العاطفية والإساءة: عندما يتعرض الأطفال لأحداث سلبية، مثل الصدمة أو الإساءة أو الإهمال، فقد يعانون من غضب هائل يظهر في مواقف يومية حتى مع أشخاص غير المسيئين.
- العقاب غير العادل: العقاب الذي يتضمن إساءات جسدية ولفظية ونفسية قد يولد غضبًا كامنًا لدى الأطفال يخرج في صورة عصبية دائمة على أتفه الأسباب.
- إهمال احتياجات الطفل: عندما يشعر الطفل أنه مهمل وغير مسموع، فإنه قد يفعل أي شيء ليلفت الانتباه له، وكأنه يقول لوالديه”أنا هنا”. يمكن أن تكون عصبية الاطفال أحد وسائل لفت الانتباه والتعبير عن رفضه للإهمال.
- الأمراض الجسدية: عندما يمرض الأطفال أو يتألمون، فقد يشعرون بالانزعاج بشكل متكرر، وقد يكون لديهم قدرة أقل على تحمل الإحباط وينفجرون في غضب بسبب شعورهم بالألم أو بعدم قدرتهم على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
- مواجهة تحديات: إذا واجه الطفل مشكلة أو تحديًا كبيرًا كما هو الحال فترة الامتحانات خاصةً لو شعر أن هناك ضغطًا عليه لتحصيل الدرجات، أو كانت لديه ضغوط عاطفية كما هو الحال قرب مرحلة المراهقة، فإنه قد يستجيب لهذا الأمر بغضب وانفعال مستمر.
أعراض عصبية الاطفال
من الطبيعي أن ينفعل الأطفال من وقت لآخر، ففي النهاية لم تنضج ردة فعلهم بعد للاستجابة لما يواجهونه، ولكن كيف نعرف أن هذا سلوك عارض، أو صفة مستمرة لدى الطفل؟
إليكم علامات عصبية الاطفال:
- استمرار انفعال الطفل تجاه المواقف حتى سن 7 أو 8 سنوات.
- تفاقم الغضب للدرجة التي تمثل خطرًا على نفسه أو على الآخرين.
- إبلاغ المعلمين عنه أن سلوكه خرج عن السيطرة وأنه يتسبب في مشكلات بالفصل.
- عدم قدرة الطفل على التواصل مع المحيطين من أصدقاء وأفراد الأسرة بسبب عصبيته الزائدة.
- التعامل بعصبية شديدة مع أفراد الأسرة ورفضه الاستجابة لأي تعليمات وعدم القدرة على التحكم في ردود فعله تجاههم.
- شعور الطفل بالذنب بعد الانفعال لأنه غير قادر على التحكم بنفسه.
قد تختلف أعراض عصبية الاطفال وفقًا لعمر الطفل وعلى الوالدين مراقبة الأمر لمعرفة المواقف التي تحفزها وما إذا كانت سلوكًا عابرًا أم مستمرًا لدى الطفل.
أعراض عصبية الاطفال الجسدية
لا تقتصر عصبية الاطفال على الانفعال والصوت العالي أو الصراخ، ولكن قد يكون الطفل عصبيًا ولا يظهر ذلك بشكل واضح، ولكنها تظهر عصبيته في صورة أعراض جسدية ومنها:
- تغيرات في الشهية (سواء النهم الزائد أو فقدان الشهية).
- صرير الأسنان.
- الصداع المستمر.
- آلام المعدة.
- توتر العضلات.
- التنفس الثقيل والنهجان (يبدو الطفل أنه يبذل مجهودًا لكي يتنفس).
طرق علاج عصبية الاطفال
يعتمد علاج عصبية الاطفال على معرفة السبب ورائها والتعامل معه، ولا يجب البحث عن مهدئات دوائية أو الاتجاه لها بأي شكل ما لم يوصي طبيب الأطفال المختص بها.
قد تساعد الخطوات التالية على علاج عصبية الاطفال:
- البحث عن محفزات: الخطوة الأولى في علاج عصبية الاطفال هي فهم المحفزات التي تثير نوبات غضب الطفل. على سبيل المثال، إذا كان التحضير إلى المدرسة صباحًا من أسباب عصبية الطفل، فإن تنظيم كل شيء من اليوم السابق ووضع الخطوات مكتوبة على الحائط مثل تنظيم الحقيبة، تحضير الحذاء والجوارب، ارتداء الملابس، وضع الصندوق المدرسي في الحقيبة، من شأنه أن يقلل الاحتكاك بين الطفل والوالدين في الصباح ويقلل بدوره عصبية الطفل.
- العقاب العادل: لا يجب بأي شكل من الأشكال أن يتضمن عقاب الطفل أي إساءة جسدية أو لفظية، ولكن يمكن البحث عن طرق مؤثرة وفي الوقت نفسه ليست مهينة مثل الحرمان من وقت التلفاز أو المصروف وهكذا.
- عدم الاستجابة لطلبات الطفل: بعض الآباء يقعون في خطأ الاستجابة لطلبات الطفل ومنحه ما يريد لتجنب سلوكه العصبي وهو أمر له عواقب كبيرة لأنه يعطي رسالة إلى الطفل مفادها أنه بإمكانه الحصول على ما يريد بالعصبية والانفعال.
- التعامل بهدوء: لا تدفعك عصبية الطفل للانفعال، ولكن تحلى بالهدوء وتحدث بنبرة صوت هادئة وثابتة، وأخبر طفلك أنك لن تتحدث معه إلا عندما يهدأ ويتخلى عن عصبيته. تذكر أن الانفعال على الطفل في أثناء نوبته العصبية لن يحل الأمر، ولكن سيتسبب في تصعيد العدوانية.
- تجاهل السلوك السلبي وتشجيع السلوك الإيجابي: تجاهل السلوك السيئ البسيط، لأن التعليق على موقف بسيط مثل توبيخ الطفل أو إخباره بالتوقف يمكن أن يزيد عنده. بدلًا من ذلك، امتدح السلوكيات التي تريد تشجيعها بالكلام والأفعال كأن تزيد وقت اللعب على الهاتف لنصف ساعة أخرى.
- تعليم الطفل كيف يهدأ من عصبيته: تحتاج أنت وطفلك إلى عمل خطة للتعامل مع العصبية وتهدئة الذات وهي أشياء يمكن للطفل القيام بها ليهدأ مثل التنفس البطيء، أو العد العكسي كأن يعد من 20 إلى 1 عندما يشعر أنه على وشك الانفعال.
نعلم أن عصبية الاطفال قد تكون سلوكًا مرفوضًا ولكن من المهم أن يعي الآباء أن ما يواجهه الأطفال الآن ليس بهين، فالضغوط القائمة عليهم من تحصيل درجات والتفوق الرياضي، والتعامل مع التنمر وغيرها من الأمور قد تدفع الطفل إلى الغضب المستمر، هونوا على صغاركم واحرصوا على احتوائهم فأنتم واحة الأمان والحب بالنسبة لهم.
اترك تعليق
عرض التعليقات